فصل: فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ:

فِي رَدِّ الْمَبِيعِ (بِظُهُورِ عَيْبٍ قَدِيمٍ) بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَبْضِ فَيُصَدَّقُ بِالْحَادِثِ قَبْلَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَمَا سَيَأْتِي (كَخِصَاءِ رَقِيقٍ) بِالْمَدِّ وَجَبِّ ذِكْرِهِ لِنَقْصِهِ الْمُفَوِّتِ لِلْغَرَضِ مِنْ الْفَحْلِ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْخَصِيُّ وَالْمَجْبُوبُ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُمَا بِاعْتِبَارٍ آخَرَ وَالْخِصَاءُ فِي الْبَهِيمَةِ عَيْبٌ أَيْضًا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي شَافِيهِ (وَزِنَاهُ وَسَرِقَتِهِ وَإِبَاقِهِ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَاسْتَثْنَى الْهَرَوِيُّ فِي الْأَشْرَافِ الصَّغِيرَ (وَبَوْلِهِ بِالْفِرَاشِ) فِي غَيْرِ أَوَانِهِ مَعَ اعْتِيَادِهِ ذَلِكَ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَمَّا فِي الصَّغِيرِ فَلَا وَقَدَّرَهُ فِي التَّهْذِيبِ بِمَا دُونَ سَبْعِ سِنِينَ وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ الِاعْتِيَادُ (وَبَخَرِهِ) وَهُوَ النَّاشِئُ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَمَّا تَغَيُّرُ الْفَمِ لِقَلَحِ الْأَسْنَانِ فَلَا لِزَوَالِهِ بِالتَّنْظِيفِ (وَصُنَانِهِ) عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بِأَنْ يَكُونَ مُسْتَحْكِمًا لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَمَّا الصُّنَانُ لِعَارِضِ عَرَقٍ أَوْ حَرَكَةٍ عَنِيفَةٍ أَوْ اجْتِمَاعِ وَسَخٍ فَلَا (وَجِمَاحِ الدَّابَّةِ) بِالْكَسْرِ أَيْ امْتِنَاعِهَا عَلَى رَاكِبِهَا (وَعَضِّهَا) وَرَمْحِهَا لِنَقْصِ الْقِيمَةِ بِذَلِكَ (وَكُلِّ مَا) بِالْجَرِّ (يَنْقُصُ الْعَيْنَ) بِضَمِّ الْقَافِ مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ بِضَبْطِ الْمُصَنِّفِ (أَوْ الْقِيمَةَ نَقْصًا يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ إذَا غَلَبَ فِي جِنْسِ الْمَبِيعِ عَدَمُهُ) عَطَفَ هَذَا الضَّابِطَ لِلْعَيْبِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَمْثِلَتِهِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا مَطْمَعَ فِي اسْتِيعَابِهَا. وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: يَفُوتُ بِهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ عَمَّا لَوْ بَانَ قَطْعُ فَلَقَةٍ صَغِيرَةٍ مِنْ فَخِذِهِ أَوْ سَاقِهِ لَا تُورِثُ شَيْئًا، وَلَا تُفَوِّتُ فَرْضًا فَإِنَّهُ لَا رَدَّ بِذَلِكَ. وَبِقَوْلِهِ: إذَا غَلَبَ إلَى آخِرِهِ عَنْ الثُّيُوبَةِ فِي الْأَمَةِ فَإِنَّهَا تَنْقُصُ الْقِيمَةُ وَلَا رَدَّ بِهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ الْغَالِبُ فِي الْإِمَاءِ عَدَمَهَا (سَوَاءٌ) فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ (قَارَنَ) الْعَيْبُ (الْعَقْدَ) بِأَنْ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَهُ، وَذَلِكَ ظَاهِرٌ (أَمْ حَدَثَ) بَعْدَهُ (قَبْلَ الْقَبْضِ) لِلْمَبِيعِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ (وَلَوْ حَدَثَ) الْعَيْبُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ (فَلَا خِيَارَ) فِي الرَّدِّ بِهِ (إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ إلَى سَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ) عَلَى الْقَبْضِ (كَقَطْعِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ الْعَبْدِ أَوْ الْأَمَةِ (بِجِنَايَةٍ) أَوْ سَرِقَةٍ (سَابِقَةٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهَا الْمُشْتَرِي (فَيَثْبُتُ) لَهُ (الرَّدُّ) بِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالْمُتَقَدِّمِ. وَالثَّانِي: لَا يَثْبُتُ الرَّدُّ بِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي لَكِنْ يَثْبُتُ بِهِ الْأَرْشُ، وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَطْعِ وَغَيْرَ مُسْتَحِقِّهِ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْحَالِ فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ جَزْمًا وَلَا أَرْشَ (بِخِلَافِ مَوْتِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (بِمَرَضٍ سَابِقٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَثْبُتُ بِهِ لَازِمُ الرَّدِّ الْمُتَعَذَّرِ مِنْ اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَقْطُوعِ بِهِ لِأَنَّ الْمَرَضَ يَزْدَادُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى الْمَوْتِ فَلَمْ يَحْصُلْ بِالسَّابِقِ. وَالثَّانِي: يَقُولُ السَّابِقُ أَفْضَى إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ سَبَقَ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ. وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُشْتَرِي أَرْشُ الْمَرَضِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا وَمَرِيضًا مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْمَرَضِ فَلَا شَيْءَ لَهُ جَزْمًا (وَلَوْ قُتِلَ) الْمَبِيعُ (بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ) عَلَى الْقَبْضِ جَهِلَهَا الْمُشْتَرِي (ضَمِنَهُ الْبَائِعُ فِي الْأَصَحِّ) بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّ قَتْلَهُ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ كَالتَّقَدُّمِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ قُبَيْلَ الْقَتْلِ وَالثَّانِي لَا يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ وَلَكِنْ تَعَلُّقُ الْقَتْلِ بِهِ عَيْبٌ يَثْبُتُ بِهِ الْأَرْشُ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ وَغَيْرَ مُسْتَحِقَّهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِالْحَالِ فَلَا شَيْءَ لَهُ جَزْمًا وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ وَالدَّفْنِ فَهِيَ فِي الْأَصَحِّ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْأُولَى، وَعَلَى الْبَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَوْ أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ عِبَارَةَ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ لَاسْتَغْنَى عَنْ التَّأْوِيلِ السَّابِقِ.
(وَلَوْ بَاعَ) حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُ (بِشَرْطِ بَرَاءَتِهِ مِنْ الْعُيُوبِ) فِي الْمَبِيعِ (فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ بَاطِنٍ بِالْحَيَوَانِ لَمْ يَعْلَمْهُ دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ دُونَ غَيْرِ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ مِنْ الْعُيُوبِ فَلَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ بِغَيْرِ الْحَيَوَانِ كَالْعَقَارِ وَالثِّيَابِ مُطْلَقًا وَلَا عَنْ عَيْبٍ ظَاهِرٍ بِالْحَيَوَانِ عَلِمَهُ أَوْ لَا، وَلَا عَنْ عَيْبٍ بَاطِنٍ بِالْحَيَوَانِ عَلِمَهُ وَالثَّانِي يَبْرَأُ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَالثَّالِثُ لَا يَبْرَأُ عَنْ عَيْبٍ مَا لِلْجَهْلِ بِالْمُبَرَّأِ مِنْهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَإِنَّمَا خَرَجَ عَنْهُ عَلَى الْأَوَّلِ صُورَةٌ مِنْ الْحَيَوَانِ لِمَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ. وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَاعَ عَبْدًا لَهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ بِالْبَرَاءَةِ. فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي: بِهِ دَاءٌ لَمْ تُسَمِّهِ فَاخْتَصَمَا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى عَلَى ابْنِ عُمَرَ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ بَاعَهُ الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ يَعْلَمُهُ، فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَارْتَجَعَ الْعَبْدُ فَبَاعَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ. وَفِي الْحَاوِي وَالشَّامِلِ أَنَّ الْمُشْتَرِي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ كَمَا أَوْرَدَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ تَرَكْت الْيَمِينَ لِلَّهِ فَعَوَّضَنِي اللَّهُ عَنْهَا خَيْرًا دَلَّ قَضَاءُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِي صُورَةِ الْحَيَوَانِ الْمَذْكُورَةِ وَقَدْ وَافَقَ اجْتِهَادَهُ فِيهَا اجْتِهَادُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ: الْحَيَوَانُ يَتَغَذَّى فِي الصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ وَتَحَوُّلِ طَبَائِعِهِ فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ خَفِيٍّ أَوْ ظَاهِرٍ أَيْ فَيَحْتَاجُ الْبَائِعُ فِي شَرْطِ الْبَرَاءَةِ لِيَثِقَ بِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الْخَفِيِّ دُونَ مَا يَعْلَمُهُ لِتَلْبِيسِهِ فِيهِ، وَمَا لَا يَعْلَمُهُ مِنْ الظَّاهِرِ لِنُدْرَةِ خَفَائِهِ عَلَيْهِ. وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ عَلَى الْأَقْوَالِ. وَقِيلَ: عَلَى بُطْلَانِ الشَّرْطِ بَاطِلٌ وَرُدَّ بِاشْتِهَارِ الْقَضِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَعَدَمِ إنْكَارِهِمْ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (مَعَ هَذَا الشَّرْطِ الرَّدُّ بِعَيْبٍ حَدَثَ قَبْلَ الْقَبْضِ) لِانْصِرَافِ الشَّرْطِ إلَى مَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ.
(وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ عَمَّيْ يَحْدُثُ) مِنْ الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ (لَمْ يَصِحَّ) الشَّرْطُ (فِي الْأَصَحِّ) وَكَذَا لَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْمَوْجُودِ وَمَا يَحْدُثُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ مِنْ عَيْبٍ عَيَّنَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَايَنُ كَالزِّنَى أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ الْإِبَاقِ بَرِئَ مِنْهُ قَطْعًا لِأَنَّ ذِكْرَهَا إعْلَامٌ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعَايَنُ كَالْبَرَصِ فَإِنْ أَرَاهُ قَدْرَهُ وَمَوْضِعَهُ بَرِئَ مِنْهُ قَطْعًا، وَإِلَّا فَهُوَ كَشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ عَلَى الْأَظْهَرِ لِتَفَاوُتِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ قَدْرِهِ وَمَوْضِعِهِ (وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) كَأَنْ مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ أَوْ أَكَلَ الطَّعَامَ (أَوْ أَعْتَقَهُ) أَوْ وَقَفَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَ الْجَارِيَةَ (ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ) بِهِ (رَجَعَ بِالْأَرْشِ) لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ بِفَوَاتِ الْمَبِيعِ حِسًّا أَوْ شَرْعًا وَلَوْ اشْتَرَى بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ وَأَعْتَقَ أَوْ اشْتَرَى مِنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ فَفِي رُجُوعِهِ بِالْأَرْشِ وَجْهَانِ (وَهُوَ) أَيْ الْأَرْشُ (جُزْءٌ مِنْ ثَمَنِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ (نِسْبَتُهُ إلَيْهِ) أَيْ نِسْبَةُ الْجُزْءِ إلَى الثَّمَنِ (نِسْبَةُ) أَيْ مِثْلُ نِسْبَةِ (مَا نَقَصَ الْعَيْبُ مِنْ الْقِيمَةِ لَوْ كَانَ) الْمَبِيعُ (سَلِيمًا) إلَيْهَا وَتَرَكَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لِلْعِلْمِ بِهَا، فَإِذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ بِلَا عَيْبٍ مِائَةً وَبِالْعَيْبِ تِسْعِينَ فَنِسْبَةُ النَّقْصِ إلَيْهَا عُشْرُهَا فَالْأَرْشُ عُشْرُ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ مِائَتَيْنِ رَجَعَ بِعِشْرِينَ مِنْهُ أَوْ خَمْسِينَ فَبِخَمْسَةٍ، وَإِنَّمَا كَانَ الرُّجُوعُ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَيَكُونُ جُزْؤُهُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ رَدَّ جُزْأَهُ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي بِطَلَبِهِ. وَقِيلَ بِلَا طَلَبٍ (وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ أَقَلِّ قِيمَةٍ) أَيْ الْمَبِيعِ (مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ إلَى الْقَبْضِ) عِبَارَةُ الْمُحَرِّرِ كَالشَّرْحِ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَقَلُّ الْقِيمَتَيْنِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ وَالْقَبْضِ وَلَهُ مُقَابِلَانِ أَحَدُهُمَا اعْتِبَارُ قِيمَةِ يَوْمِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ يَوْمُ مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ بِالْمَبِيعِ وَالثَّانِي قِيمَةُ يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ يَوْمُ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَوَجْهُ أَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ أَنَّ الْقِيمَةَ إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْبَيْعِ أَقَلَّ فَمَا زَادَ حَدَثَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، وَهَذِهِ أَقْوَالٌ مَحْكِيَّةٌ فِي طَرِيقَةٍ وَالطَّرِيقَةُ الرَّاجِحَةُ الْقَطْعُ بِاعْتِبَارِ أَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ وَحُمِلَ قَوْلُ: يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ فِيهِ أَقَلَّ، وَكَذَا قَوْلُ: يَوْمَ الْقَبْضِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَقَلُّ قِيمَةٍ قَالَ فِي الدَّقَائِقِ: إنَّهُ أَصْوَبُ مِنْ قَوْلِ الْمُحَرِّرِ لِاعْتِبَارِهِ الْوَسَطَ أَيْ بَيْنَ قِيمَتَيْ الْيَوْمَيْنِ وَعَبَّرَ بِالْأَصَحِّ دُونَ الْأَظْهَرِ لِيُوَافِقَ الطَّرِيقَةَ الرَّاجِحَةَ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهَا، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمَذْهَبِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى (وَلَوْ تَلِفَ الثَّمَنُ) الْمَقْبُوضُ أَوْ خَرَجَ عَنْ الْمِلْكِ (دُونَ الْمَبِيعِ) الْمَقْبُوضِ وَأُرِيدَ رَدُّهُ بِالْعَيْبِ (رَدَّهُ وَأَخَذَ مِثْلَ الثَّمَنِ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (أَوْ قِيمَتَهُ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا. قَالَ الرَّافِعِيُّ: أَقَلُّ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ يَوْمَ الْبَيْعِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَتْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَالنُّقْصَانُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي. قَالَ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي اعْتِبَارِ الْأَرْشِ. انْتَهَى. وَأُسْقِطَ هَذَا الْأَخِيرُ مِنْ الرَّوْضَةِ مَعَ التَّعْلِيلِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَقَلَّ الْقِيمَةِ هُنَا لَا يُنَافِي أَقَلَّ قِيمَةِ الْيَوْمَيْنِ هُنَاكَ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ هُنَاكَ مَا إذَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ عَنْ قِيمَتِهِمَا بِأَنْ سَاوَتْ قِيمَةَ إحْدَاهُمَا أَوْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الْقِيمَتَيْنِ فَالْعِبْرَةُ بِهَا كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمُصَنِّفِ.
(وَلَوْ عَلِمَ الْعَيْبَ) بِالْمَبِيعِ (بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهِ) عَنْهُ (إلَى غَيْرِهِ) بِعِوَضٍ أَوْ بِلَا عِوَضٍ (فَلَا أَرْشَ) لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) الْمَنْصُوصِ لِأَنَّهُ قَدْ يَعُودُ إلَيْهِ فَيَرُدَّهُ كَمَا قَالَ (فَإِنْ عَادَ الْمِلْكُ) إلَيْهِ (فَلَهُ الرَّدُّ) سَوَاءٌ عَادَ إلَيْهِ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَمْ بِغَيْرِهِ كَالْإِقَالَةِ وَالْهِبَةِ وَالشِّرَاءِ (وَقِيلَ) فِيمَا زَالَ مِلْكُهُ بِعِوَضٍ (إنْ عَادَ) إلَيْهِ (بِغَيْرِ الرَّدِّ بِعَيْبٍ فَلَا رَدَّ) لَهُ لِأَنَّهُ بِالِاعْتِيَاضِ عَنْهُ اسْتَدْرَكَ الظِّلَامَةَ وَغَبَنَ غَيْرَهُ كَمَا غُبِنَ هُوَ، وَلَمْ يَبْطُلْ ذَلِكَ الِاسْتِدْرَاكُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي أَنَّ الْأَرْشَ لَهُ اسْتَدْرَكَ الظُّلَامَةِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا إمْكَانُ عَوْدِ الْمَبِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ. وَهُوَ مِنْ تَخْرِيجِ ابْنِ سُرَيْجٍ لَهُ بِالْأَرْشِ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ فَلَوْ أَخَذَهُ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ مَعَ الْأَرْشِ وَاسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ وَجْهَانِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ لَوْ تَعَذَّرَ الْعَوْدُ لِتَلَفٍ أَوْ إعْتَاقٍ رَجَعَ بِالْأَرْشِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَالْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْغُرْمِ لِلثَّانِي وَمَعَ إبْرَائِهِ مِنْهُ. وَقِيلَ: لَا فِيهِمَا بِتَاءٍ عَلَى التَّعْلِيلِ بِاسْتِدْرَاكِ الظُّلَامَةِ (وَالرَّدُّ) بِالْعَيْبِ (عَلَى الْفَوْرِ) فَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ (فَلْيُبَادِرْ) مُرِيدُهُ إلَيْهِ (عَلَى الْعَادَةِ فَلَوْ عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي أَوْ يَأْكُلُ) أَوْ يَقْضِي حَاجَتَهُ (فَلَهُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَفْرُغَ) وَلَوْ عَلِمَهُ وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ هَذِهِ الْأُمُورِ فَاشْتَغَلَ بِهَا فَلَا بَأْسَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا (أَوْ) عَلِمَهُ (لَيْلًا فَحَتَّى يُصْبِحَ) وَلَا بَأْسَ بِلُبْسِ ثَوْبِهِ وَإِغْلَاقِ بَابِهِ وَلَا يُكَلَّفُ الْعَدْوَ فِي الْمَشْيِ وَالرَّكْضَ فِي الرُّكُوبِ لِيَرُدَّهُ (فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ بِالْبَلَدِ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ) بِالْبَلَدِ كَذَلِكَ لِقِيَامِ الْوَكِيلِ مَقَامَ مُوَكِّلِهِ فِي ذَلِكَ (وَلَوْ تَرَكَهُ) أَيْ تَرَكَ الْبَائِعُ أَوْ الْوَكِيلَ (وَرَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ) لِيَسْتَحْضِرَهُ وَيَرُدَّهُ عَلَيْهِ (فَهُوَ آكَدُ) فِي الرَّدِّ (وَإِنْ كَانَ) الْبَائِعُ (غَائِبًا) عَنْ الْبَلَدِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ بِالْبَلَدِ (رَفَعَ) الْأَمْرَ (إلَى الْحَاكِمِ) قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ: فَيَدَّعِي شِرَاءَ ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ قَبَضَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَيْبُ وَأَنَّهُ فَسَخَ الْبَيْعَ، وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فِي وَجْهٍ مُسَخَّرٍ يُنَصِّبُهُ الْحَاكِمُ وَيُحَلِّفُهُ أَيْ أَنَّ الْأَمْرَ جَرَى كَذَلِكَ وَيَحْكُمُ بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ وَيَبْقَى الثَّمَنُ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ وَيَضَعُهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَيَقْضِي الدَّيْنَ مِنْ مَالِ الْغَائِبِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ سِوَى الْمَبِيعِ بَاعَهُ فِيهِ انْتَهَى وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ. وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَاهُ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّاهُ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ حَبْسُ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّ الْقَاضِي لَيْسَ كَالْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. وَسُكُوتُهُمَا عَلَى نَصْبِ مُسَخَّرٍ لِلْعِلْمِ بِمَا صَحَّحَاهُ فِي مَحِلِّهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْحَاكِمَ نَصْبُهُ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى عَلَى الْغَائِبِ كَمَا سَيَأْتِي (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْفَسْخِ إنْ أَمْكَنَهُ حَتَّى يُنْهِيَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ) وَالثَّانِي لَا لَكِنْ يَفْسَخُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ فِي الْأَصَحِّ) فَيُؤَخِّرُهُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ وَالثَّانِي: تَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْفَسْخِ مَا أَمْكَنَ
(وَيُشْتَرَطُ) فِي الرَّدِّ (تَرْكُ الِاسْتِعْمَالِ فَلَوْ اسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ) كَقَوْلِهِ اسْقِنِي أَوْ نَاوِلْنِي الثَّوْبَ أَوْ أَغْلِقْ الْبَابَ (أَوْ تَرَكَ عَلَى الدَّابَّةِ سَرْجَهَا أَوْ إكَافَهَا) أَيْ الْبَرْذعَةَ (بَطَلَ حَقُّهُ) مِنْ الرَّدِّ لِإِشْعَارِ ذَلِكَ بِالرِّضَا بِالْعَيْبِ وَإِضَافَةُ السَّرْجِ أَوْ الْإِكَافِ إلَى الدَّابَّةِ لِمُلَابَسَتِهِ لَهَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَوْ كَانَ عَلَيْهَا سَرْجٌ أَوْ إكَافٌ فَتَرَكَهُ عَلَيْهَا بَطَلَ حَقُّهُ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ (وَيُعْذَرُ فِي رُكُوبِ جَمُوحٍ يَعْسُرُ سَوْقُهَا وَقَوْدُهَا) أَيْ يُعْذَرُ فِي رُكُوبِهَا حِينَ تَوَجُّهُهُ لِيَرُدَّهَا وَلَوْ رَكِبَ غَيْرَ الْجَمُوحِ لِرَدِّهَا بَطَلَ حَقُّهُ مِنْهُ وَقِيلَ: لَا يَبْطُلُ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ لِلرَّدِّ (وَإِذَا سَقَطَ رَدُّهُ بِتَقْصِيرٍ) مِنْهُ (فَلَا أَرْشَ) لَهُ كَمَا لَا رَدَّ (وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ) بِآفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ (سَقَطَ الرَّدُّ قَهْرًا) أَيْ الرَّدُّ الْقَهْرِيُّ لِإِضْرَارِهِ بِالْبَائِعِ (ثُمَّ إنْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ بِالْمَبِيعِ (الْبَائِعُ) مَعِيبًا (رَدَّهُ الْمُشْتَرِي) بِلَا أَرْشٍ عَنْ الْحَادِثِ (أَوْ قَنَعَ بِهِ) بِلَا أَرْشٍ عَنْ الْقَدِيمِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِهِ مَعِيبًا (فَلْيَضُمَّ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْحَادِثِ إلَى الْمَبِيعِ وَيَرُدَّ أَوْ يَغْرَمَ إلَى الْبَائِعِ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَلَا يَرُدُّ) الْمُشْتَرِي رِعَايَةً لِلْجَانِيَيْنِ (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَحَدِهِمَا فَذَاكَ) ظَاهِرٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ مَعَ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالْآخَرُ الْإِمْسَاكَ مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ (فَالْأَصَحُّ إجَابَةُ مَنْ طَلَبَ الْإِمْسَاكَ) مَعَ أَرْشِ الْقَدِيمِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّالِبُ الْمُشْتَرِي أَمْ الْبَائِعَ لِتَقْرِيرِهِ الْعَقْدَ، وَالثَّانِي: يُجَابُ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا لِتَدْلِيسِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ. وَالثَّالِثُ: يُجَابُ الْبَائِعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إمَّا غَارِمٌ أَوْ آخِذٌ مَا لَمْ يَرُدَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي (وَيَجِبُ أَنْ يُعْلِمَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى الْفَوْرِ بِالْحَادِثِ) مَعَ الْقَدِيمِ (لِيَخْتَارَ) مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَخْذِ الْمَبِيعِ أَوْ تَرْكِهِ وَإِعْطَاءِ الْأَرْشِ (فَإِنْ أَخَّرَ إعْلَامَهُ) بِذَلِكَ عَنْ فَوْرِ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْقَدِيمِ (بِلَا عُذْرٍ فَلَا رَدَّ) لَهُ بِهِ (وَلَا أَرْشَ) عَنْهُ لِإِشْعَارِ التَّأْخِيرِ بِالرِّضَا بِهِ. وَلَوْ كَانَ الْحَادِثُ قَرِيبَ الزَّوَالِ غَالِبًا كَالرَّمَدِ وَالْحُمَّى فَيُعْذَرُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي انْتِظَارِ زَوَالِهِ لِيَرُدَّ الْمَبِيعَ سَالِمًا عَنْ الْحَادِثِ، وَلَوْ زَالَ الْحَادِثُ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْقَدِيمِ أَوْ قَضَى بِهِ الْقَاضِي وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَلَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَرَدُّ الْأَرْشِ فِي الْأَصَحِّ. وَلَوْ تَرَاضَيَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ فَلَهُ الْفَسْخُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ عَلِمَ الْقَدِيمَ بَعْدَ زَوَالِ الْحَادِثِ رُدَّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ زَالَ الْقَدِيمُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ أَوْ بَعْدَ أَخْذٍ رَدَّهُ. وَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ.
(وَلَوْ حَدَثَ عَيْبٌ لَا يُعْرَفُ الْقَدِيمُ إلَّا بِهِ كَكَسْرِ بِيضٍ) وَجَوْزٍ (وَرَانِجٍ) بِكَسْرِ النُّونِ وَهُوَ الْجَوْزُ الْهِنْدِيُّ ظَهَرَ عَيْبُهَا (وَتَقْوِيرِ بِطِّيخٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (مُدَوِّدٍ) بِكَسْرِ الْوَاوِ فِي بَعْضِ أَطْرَافِهِ (رُدَّ) مَا ذُكِرَ بِالْقَدِيمِ قَهْرًا (وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ) لِلْحَادِثِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ فِيهِ. وَالثَّانِي: يُرَدُّ وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ صَحِيحًا مَعِيبًا وَمَكْسُورًا مَعِيبًا، وَلَا نَظَرَ إلَى الثَّمَنِ. وَالثَّالِثُ: لَا يُرَدُّ أَصْلًا كَمَا فِي سَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْقَدِيمِ أَوْ يَغْرَمُ أَرْشَ الْحَادِثِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ. أَمَّا مَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالْبَيْضِ الْمَذِرِ وَالْبِطِّيخِ الْمَمْدُودِ كُلِّهِ أَوْ الْمُعَفَّنِ فَيَتَبَيَّنُ فِيهِ فَسَادُ الْبَيْعِ لِوُرُودِهِ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ تَنْظِيفُ الْمَكَانِ مِنْهُ (فَإِنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ الْقَدِيمِ بِأَقَلَّ مِمَّا أَحْدَثَهُ) الْمُشْتَرِي كَتَقْوِيرِ الْبِطِّيخِ الْحَامِضِ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ حُمُوضَتِهِ بِغَرْزِ شَيْءٍ فِيهِ، وَكَالتَّقْوِيرِ الْكَبِيرِ الْمُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالصَّغِيرِ وَكَشَقِّ الرُّمَّانِ الْمَشْرُوطِ حَلَاوَتُهُ لِإِمْكَانِ مَعْرِفَةِ حُمُوضَتِهِ بِالْغَرْزِ (فَكَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ) فِيمَا تَقَدَّمَ فِيهَا وَلَا رَدَّ قَهْرًا. وَقِيلَ. فِيهِ الْقَوْلَانِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إنَّ تَرْضِيضَ بَيْضِ النَّعَامِ وَكَسْرَ الرَّانِجِ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ وَثَقْبَهُ مِنْ الْأَوَّلِ.
(فَرْعٌ: إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ مَعِيبَيْنِ صَفْقَةً) وَلَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُمَا (رَدَّهُمَا) بَعْدَ ظُهُورِهِ وَيَجْرِي فِي رَدِّ أَحَدِهِمَا الْخِلَافُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ (وَلَوْ ظَهَرَ عَيْبُ أَحَدِهِمَا) دُونَ الْآخَرِ (رَدَّهُمَا لَا الْمَعِيبَ وَحْدَهُ فِي الْأَظْهَرِ) إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَالثَّانِي: لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ قِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَوْ تَلِفَ السَّلِيمُ أَوْ بِيعَ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَيْبِ فَرَدُّ الْمَعِيبِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِمَا. وَالْقَوْلَانِ يَجْرِيَانِ فِيمَا يَنْفَصِلُ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرُ كَالثَّوْبَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَا يَنْفَصِلُ كَزَوْجَيْ الْخُفِّ فَلَا يُرَدُّ الْمَعِيبُ مِنْهُمَا وَحْدَهُ قَطْعًا. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ وَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِإِفْرَادِ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ بِالرَّدِّ جَازَ فِي الْأَصَحِّ وَسَبِيلُ التَّوْزِيعِ تَقْدِيرُهُمَا سَلِيمَيْنِ وَتَقْوِيمُهُمَا وَتَقْسِيطُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى عَلَى الْقِيمَتَيْنِ
(وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدَ رَجُلَيْنِ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا) لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ (وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ) أَيْ اشْتَرَى اثْنَانِ عَبْدَ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (فَلِأَحَدِهِمَا الرَّدُّ) لِنَصِيبِهِ (فِي الْأَظْهَرِ) الْمَبْنِيِّ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَقَدْ تَقَدَّمَ (وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ) الْمُمْكِنِ حُدُوثُهُ بِأَنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ (صُدِّقَ الْبَائِعُ) لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ مِنْ اسْتِمْرَارِ الْعَقْدِ (بِيَمِينِهِ) لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْمُشْتَرِي (عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ مِثْلِهِ فَإِنْ قَالَ فِي جَوَابِهِ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ عَلَيَّ بِالْعَيْبِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوْ لَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يُكَلَّفُ التَّعَرُّضَ لِعَدَمِ الْعَيْبِ وَقْتَ الْقَبْضِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي عَلِمَ الْعَيْبَ وَرَضِيَ بِهِ وَلَوْ نَطَقَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ كُلِّفَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَالَ فِي جَوَابِهِ مَا أَقْبَضْته وَبِهِ هَذَا الْعَيْبُ أَوْ مَا أَقْبَضْته إلَّا سَلِيمًا مِنْ الْعَيْبِ حَلَفَ كَذَلِكَ. وَقِيلَ: يَكْفِيهِ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ بِهِ أَوْ لَا يَلْزَمُنِي قَبُولُهُ وَلَا يَكْفِي فِي الْجَوَابِ وَالْحَلِفُ مَا عَلِمْت بِهِ هَذَا الْعَيْبَ عِنْدِي، وَيَجُوزُ لَهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ السَّلَامَةِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ خِلَافَهُ، وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ حُدُوثُ الْعَيْبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَشَيْنِ الشَّجَّةِ الْمُنْدَمِلَةِ وَالْبَيْعُ أَمْسِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ لَمْ يُمْكِنُ تَقَدُّمُهُ كَجُرْحٍ طَرِيٍّ وَالْبَيْعُ وَالْقَبْضُ مِنْ سَنَةٍ صُدِّقَ الْبَائِعُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ (وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ كَالسَّمْنِ) وَتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ وَالْقُرْآنِ وَكِبَرِ الشَّجَرَةِ (تَتْبَعُ الْأَصْلَ) فِي الرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ بِسَبَبِهَا (وَالْمُنْفَصِلَةُ كَالْوَلَدِ) وَالثَّمَرَةِ (وَالْأُجْرَةُ) الْحَاصِلَةُ مِنْ الْمَبِيعِ (لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ) بِالْعَيْبِ (وَهِيَ لِلْمُشْتَرِي إنْ رَدَّ) الْمَبِيعَ (بَعْدَ الْقَبْضِ) سَوَاءٌ أَحَدَثَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمْ قَبْلَهُ (وَكَذَا) إنْ رَدَّهُ (قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّفْعِ مِنْ أَصْلِهِ (وَلَوْ بَاعَهَا) أَيْ الْجَارِيَةَ أَوْ الْبَهِيمَةَ (حَامِلًا) وَهِيَ مَعِيبَةٌ (فَانْفَصَلَ) الْحَمْلُ (رَدَّهُ مَعَهَا) حَيْثُ كَانَ لَهُ رَدُّهَا بِأَنْ لَمْ تَنْقُصْ بِالْوِلَادَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ أَنَّ الْحَمْلَ يُعْلَمُ وَيُقَابَلُ بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ وَمُقَابِلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ فَيَفُوزُ الْمُشْتَرِي بِالْوَلَدِ، وَلَوْ نَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا وَيَرْجِعُ بِالْأَرْشِ، وَلَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ الْحَمْلُ رَدَّهَا كَذَلِكَ (وَلَا يَمْنَعُ الرَّدُّ الِاسْتِخْدَامَ وَوَطْءَ الثَّيِّبِ) الْوَاقِعَانِ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ قَبْلَهُ، وَلَا مَهْرَ فِي الْوَطْءِ (وَاقْتِضَاضُ الْبِكْرِ) بِالْقَافِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ (بَعْدَ الْقَبْضِ نَقْصٌ حَدَثَ) فَيَمْنَعُ الرَّدَّ (وَقَبْلَهُ جِنَايَةٌ عَلَى الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ) فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا رَدَّ لَهُ بِالْعَيْبِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَأَجَازَ هُوَ الْبَيْعَ فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي اقْتِضَاضِ الْبَائِعِ، وَلَهُ فِي اقْتِضَاضِ الْأَجْنَبِيِّ بِذِكْرِهِ مَهْرَ مِثْلِهَا بِكْرًا وَبِغَيْرِ ذِكْرِهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا فَإِنْ رَدَّهَا بِالْعَيْبِ فَلِلْبَائِعِ مِنْ ذَلِكَ قَدْرُ أَرْشِ الْبَكَارَةِ، وَإِنْ تَلِفَتْ بَعْدَ اقْتِضَاضِ الْمُشْتَرِي فَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ مِنْ الثَّمَنِ مَا اسْتَقَرَّ بِاقْتِضَاضِهِ وَهُوَ قَدْرُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا.

. فَصْلٌ: [في التصرية]

التَّصْرِيَةُ حَرَامٌ وَهِيَ أَنْ تُرْبَطَ أَخْلَافُ النَّاقَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا تُحْلَبَ يَوْمَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَيَجْتَمِعَ اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا وَيَظُنَّ الْجَاهِلُ بِحَالِهَا كَثْرَةَ مَا تَحْلِبُهُ كُلَّ يَوْمٍ فَيَرْغَبَ فِي شِرَائِهَا بِزِيَادَةٍ. وَالْأَخْلَافُ جَمْعُ خِلْفَةٍ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ حَلَمَةُ الضَّرْعِ وَالْأَصْلُ فِي التَّحْرِيمِ وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّلْبِيسُ حَدِيثُ الشَّيْخَيْنِ:«لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ». وَقَوْلُهُ: تُصَرُّوا بِوَزْنِ تُزَكُّوا مِنْ صَرِيَ الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ جَمَعَهُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ النَّهْيِ (تُثْبِتُ الْخِيَارَ عَلَى الْفَوْرِ) مِنْ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا كَخِيَارِ الْعَيْبِ (وَقِيلَ: يَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ«مَنْ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ لَا سَمْرَاءَ» أَيْ حِنْطَةً وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ أَنَّ التَّصْرِيَةَ لَا تَظْهَرُ إلَّا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا حَالَةَ نَقْصِ اللَّبَنِ قَبْلَ تَمَامِهَا، عَلَى اخْتِلَافِ الْعَطْفِ أَوْ الْمَأْوَى أَوْ تُبَدَّلُ الْأَيْدِي أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَابْتِدَاءُ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْعَقْدِ. وَقِيلَ: مِنْ التَّفَرُّقِ وَلَوْ عُرِفَتْ التَّصْرِيَةُ قَبْلَ تَمَامِ الثَّلَاثَةِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بَيِّنَةٍ امْتَدَّ الْخِيَارُ إلَى تَمَامِهَا أَوْ بَعْدَ التَّمَامِ فَلَا خِيَارَ لِامْتِنَاعِ مُجَاوَزَةِ الثَّلَاثَةِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُ الْخِيَارُ. وَلَوْ اشْتَرَى وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّصْرِيَةِ فَلَهُ الْخِيَارُ الثَّلَاثَةَ لِلْحَدِيثِ. وَلَا خِيَارَ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ (فَإِنْ رَدَّ) الْمُصَرَّاةَ (بَعْدَ تَلَفِ اللَّبَنُ رَدَّ مَعَهَا صَاعَ تَمْرٍ) لِلْحَدِيثِ (وَقِيلَ: يَكْفِي صَاعُ قُوتٍ) لِمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ لِلْحَدِيثِ الثَّانِي«وَصَاعًا مِنْ طَعَامٍ» وَهَلْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَقْوَاتِ أَوْ يَتَعَيَّنُ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا الثَّانِي. وَقِيلَ: يَكْفِي رَدُّ مِثْلِ اللَّبَنِ أَوْ قِيمَتِهِ عِنْدَ إعْوَازِ الْمِثْلِ كَسَائِرِ الْمُتْلِفَاتِ، وَعَلَى تَعَيُّنِ التَّمْرِ لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ قُوتٍ أَوْ غَيْرِهِ جَازَ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ عَلَى الْبُرِّ وَلَوْ فَقَدَ التَّمْرَ رَدَّ قِيمَتَهُ بِالْمَدِينَةِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ، أَمَّا رَدُّ الْمُصَرَّاةِ قَبْلَ تَلَفِ اللَّبَنِ فَلَا يَتَعَيَّنُ رَدُّ الصَّاعِ مَعَهُ لِجَوَازِ أَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي اللَّبَنَ وَيَأْخُذَهُ الْبَائِعُ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ ذَلِكَ لِعَدَمِ لُزُومِهِ بِمَا حَدَثَ وَاخْتَلَطَ مِنْ اللَّبَنِ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي وَبِذَهَابِ طَرَاوَةِ اللَّبَنِ أَوْ حُمُوضَتِهِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَجَبَ رَدُّ الصَّاعِ. وَلَوْ عَلِمَ التَّصْرِيَةَ قَبْلَ الْحَلْبِ رَدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ الصَّاعَ لَا يَخْتَلِفُ بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ) وَقِلَّتِهِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَالثَّانِي يَخْتَلِفُ فَيَتَقَدَّرُ التَّمْرُ أَوْ غَيْرُهُ بِقَدْرِ اللَّبَنِ فَقَدْ يَزِيدُ عَلَى الصَّاعِ وَقَدْ يَنْقُصُ عَنْهُ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ خِيَارَهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةِ (لَا يَخْتَصُّ بِالنِّعَمِ) وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ (بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَأْكُولٍ) مِنْ الْحَيَوَانِ (وَالْجَارِيَةُ وَالْأَتَانُ) بِالْمُثَنَّاةِ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ لِرِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً. وَلِلْبُخَارِيِّ مَنْ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً وَهِيَ بِالتَّشْدِيدِ مِنْ الْحَفْلِ أَيْ الْجَمْعِ (وَلَا يَرُدُّ مَعَهُمَا شَيْئًا) بَدَلَ اللَّبَنِ لِأَنَّ لَبَنَ الْآدَمِيَّاتِ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ غَالِبًا وَلَبَنُ الْأَتَانِ نَجِسٌ لَا عِوَضَ لَهُ (وَفِي الْجَارِيَةِ وَجْهٌ) أَنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا بَدَلَ اللَّبَنِ لِطَهَارَتِهِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّ الْخِيَارَ يَخْتَصُّ بِالنِّعَمِ فَلَا خِيَارَ فِي غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ. وَالْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ الْمُصَرَّاةُ وَالْمُحَفَّلَةُ مِنْ النِّعَمِ وَلَا فِي الْجَارِيَةِ لِأَنَّ لَبَنَهَا لَا يُقْصَدُ إلَّا نَادِرًا وَلَا فِي الْأَتَانِ إذْ لَا مُبَالَاةَ بِلَبَنِهَا وَدُفِعَ بِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لِتَرْبِيَةِ الْجَحْشِ وَلَبَنُ الْجَارِيَةِ الْغَزِيرُ مَطْلُوبٌ فِي الْحَضَانَةِ مُؤَثِّرٌ فِي الْقِيمَةِ وَمَا ذُكِرَ أَنَّهُ الْمُرَادُ فِي الْحَدِيثِ خِلَافَ الظَّاهِرِ مِنْهُ (وَحَبْسُ مَاءِ الْقَنَاةِ وَالرَّحَى الْمُرْسَلِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَتَحْمِيرُ الْوَجْهِ وَتَسْوِيدُ الشَّعْرِ وَتَجْعِيدُهُ) الدَّالُّ عَلَى قُوَّةِ الْبَدَنِ (يُثْبِتُ الْخِيَارَ) لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ عِلْمِهِ بِهِ كَالتَّصْرِيَةِ بِجَامِعِ التَّلْبِيسِ (لَا لَطَّخَ ثَوْبَهُ) أَيْ الْعَبْدُ بِالْمِدَادِ (تَخْيِيلًا لِكِتَابَتِهِ) فَبَانَ غَيْرَ كَاتِبٍ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِذَلِكَ (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ غَرَرٍ، وَالثَّانِي يُنْظَرُ إلَى مُطْلَقِ التَّلْبِيسِ.

. باب

بِالتَّنْوِينِ (الْمَبِيعُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ فَإِنْ تَلِفَ) بِآفَةٍ (انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَسَقَطَ الثَّمَنِ) عَنْ الْمُشْتَرِي (وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْمُشْتَرِي عَنْ الضَّمَانِ لَمْ يَبْرَأْ فِي الْأَظْهَرِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ) الْمَذْكُورُ لِلتَّلَفِ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ. وَالثَّانِي: يَبْرَأُ لِوُجُودِ سَبَبِ الضَّمَانِ، وَيَتَغَيَّرُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ لِلتَّلَفِ فَلَا يَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ وَلَا يَسْقُطُ الثَّمَنُ (وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) لِلْمَبِيعِ كَأَنْ أَكَلَهُ (قَبْضٌ) لَهُ (إنْ عَلِمَ) أَنَّهُ الْمَبِيعُ حَالَةَ إتْلَافِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ وَقَدْ أَضَافَهُ بِهِ الْبَائِعُ (فَقَوْلَانِ) وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَجْهَانِ (كَأَكْلِ الْمَالِكِ طَعَامَهُ الْمَغْصُوبَ ضَيْفًا) لِلْغَاصِبِ جَاهِلًا بِأَنَّهُ طَعَامُهُ هَلْ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِذَلِكَ ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. أَرْجَحُهُمَا نَعَمْ. فَعَلَى هَذَا إتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَكُونُ كَإِتْلَافِ الْبَائِعِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَالْمَذْهَبُ أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ) لِلْمَبِيعِ (كَتَلَفِهِ) بِآفَةٍ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ وَيَسْقُطُ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي وَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِهَذَا وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَسَخَ سَقَطَ الثَّمَنُ وَإِنْ أَجَازَ غَرِمَ الْبَائِعُ الْقِيمَةَ وَأَدَّى لَهُ الثَّمَنَ وَقَدْ يَتَقَاصَّانِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ لَا يَفْسَخُ) الْبَيْعَ (بَلْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي) بِهِ (بَيْنَ أَنْ يُجِيزَ وَيَغْرَمَ الْأَجْنَبِيُّ) الْقِيمَةَ (أَوْ يَفْسَخَ فَيَغْرَمَ الْبَائِعُ الْأَجْنَبِيُّ) الْقِيمَةَ وَقَطَعَ الْقَبْضَ بَعْضُهُمْ بِهَذَا. وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ (وَلَوْ تَعَيَّبَ) الْمَبِيعُ بِآفَةٍ (قَبْلَ الْقَبْضِ فَرَضِيَهُ) الْمُشْتَرِي بِأَنْ أَجَازَ الْبَيْعَ (أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ) وَلَا أَرْشَ لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ (وَلَوْ عَيَّبَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا خِيَارَ) لَهُ بِهَذَا الْعَيْبِ (أَوْ الْأَجْنَبِيُّ فَالْخِيَارُ) بِتَعْيِيبِهِ لِلْمُشْتَرِي (فَإِنْ أَجَازَ) الْبَيْعَ (غَرِمَ الْأَجْنَبِيُّ الْأَرْشَ) بَعْدَ قَبْضِ الْمَبِيعِ أَمَّا قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا لِجَوَازِ تَلَفِهِ وَانْفِسَاخِ الْبَيْعِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا وَعَيَّبَهُ الْأَجْنَبِيُّ بِقَطْعِ يَدِهِ فَأَرْشُهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ. وَفِي قَوْلِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ (وَلَوْ عَيَّبَهُ الْبَائِعُ فَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لَا التَّغْرِيمُ) وَمُقَابِلُهُ ثُبُوتُ التَّغْرِيمِ مَعَ الْخِيَارِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِعْلَ الْبَائِعِ كَفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ كَإِتْلَافِهِ الَّذِي هُوَ كَالتَّلَفِ بِآفَةٍ عَلَى الرَّاجِحِ الْمَقْطُوعِ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. فَصَحَّ التَّعْبِيرُ هُنَا بِالْمَذْهَبِ كَمَا هُنَاكَ. وَلَوْ قَالَ: ثَبَتَ الْخِيَارُ لَا التَّغْرِيمُ فِي الْمَذْهَبِ كَانَ أَوْضَحَ
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ) مَنْقُولًا كَانَ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ:«لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضَهُ». رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُبَاعَ سِلْعَةٌ حَيْثُ تُبَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهِمْ». قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَحَادِيثُ بِمَعْنَى ذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ بَيْعَهُ لِلْبَائِعِ كَغَيْرِهِ) فَلَا يَصِحُّ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ، وَالثَّانِي يَصِحُّ كَبَيْعِ الْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ وَالْخِلَافُ فِي بَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ تَفَاوُتِ صِفَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ الْإِجَارَةَ وَالرَّهْنَ وَالْهِبَةَ كَالْبَيْعِ) فَلَا تَصِحُّ لِوُجُودِ الْمَعْنَى الْمُعَلَّلِ بِهِ النَّهْيَ فِيهَا، وَهُوَ ضَعْفُ الْمِلْكِ (وَأَنَّ الْإِعْتَاقَ بِخِلَافِهِ) فَيَصِحُّ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ وَيَكُونُ بِهِ قَابِضًا. وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيهِ يَلْحَقُهُ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِيمَا قَبْلَهُ لَا يَلْحَقُ بِالْبَيْعِ غَيْرُهُ (وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ) دَرَاهِمَ كَانَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ غَيْرَهُمَا (كَالْمَبِيعِ فَلَا يَبِيعُهُ الْبَائِعُ قَبْلَ قَبْضِهِ) لِعُمُومِ النَّهْيِ لَهُ. وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ بِالتَّصَرُّفِ وَهُوَ أَعَمُّ وَلَوْ تَلِفَ انْفَسَخَ الْبَيْعُ. وَلَوْ أَبْدَلَهُ الْمُشْتَرِي بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ بِرِضَا الْبَائِعِ فَهُوَ كَبَيْعِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ (وَلَهُ بَيْعُ مَالِهِ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ وَمُشْتَرَكٍ وَقِرَاضٍ وَمَرْهُونٍ بَعْدَ انْفِكَاكِهِ وَمَوْرُوثٍ وَبَاقٍ فِي يَدِ وَلِيِّهِ بَعْدَ رُشْدِهِ. وَكَذَا عَارِيَةٌ وَمَأْخُوذٌ بِسَوْمٍ) لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِي الْمَذْكُورَاتِ. وَفَصْلُ الْأَخِيرَيْنِ بِكَذَا لِأَنَّهُمَا مَضْمُونَانِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَوْرُوثِ مَا اشْتَرَاهُ الْمَوْرُوثُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ فَلَا يَمْلِكُ الْوَارِثُ بَيْعَهُ كَالْمُورِثِ
(وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ) قَبْلَ قَبْضِهِ (وَلَا الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ) لِعُمُومِ النَّهْيِ لِذَلِكَ (وَالْجَدِيدُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ) الَّذِي فِي الذِّمَّةِ لِحَدِيثِ«ابْنِ عُمَرَ: كُنْت أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ». رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالْقَدِيمُ الْمَنْعُ لِعُمُومِ النَّهْيِ السَّابِقِ لِذَلِكَ وَالثَّمَنُ النَّقْدُ وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدٌ أَوْ كَانَا نَقْدَيْنِ فَالثَّمَنُ مَا دَخَلَتْهُ الْبَاءُ وَالْمُثَمَّنُ مُقَابِلُهُ
(فَإِنْ اسْتَبْدَلَ مُوَافِقًا فِي عِلَّةِ الرِّبَا كَدَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ) أَوْ عَكْسِهِ (اُشْتُرِطَ قَبْضُ الْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ) كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ) لِلْبَدَلِ أَيْ تَشْخِيصُهُ (فِي الْعَقْدِ) كَمَا لَوْ تَصَارَفَا فِي الذِّمَّةِ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (وَكَذَا) لَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَصَحِّ (الْقَبْضُ) لِلْبَدَلِ (فِي الْمَجْلِسِ إنْ اسْتَبْدَلَ مَا لَا يُوَافِقُ فِي الْعِلَّةِ) لِلرِّبَا (كَثَوْبٍ عَنْ دَرَاهِمَ) كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطُ فِي قَبْضِ الثَّوْبِ فِي الْمَجْلِسِ. وَالثَّانِي يُشْتَرَطُ لِأَنَّ أَحَدَ الْعِوَضَيْنِ دَيْنٌ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُ الْآخَرِ فِي الْمَجْلِسِ كَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ. وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ اشْتِرَاطِ التَّعْيِينِ لِلْبَدَلِ فِي الْمَجْلِسِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ شُرُوطِ الْمَبِيعِ. وَلَا يُشْتَرَطُ تَعَيُّنُهُ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْأَصَحِّ السَّابِقِ فَيَصِفُهُ فِيهِ ثُمَّ يُعَيِّنُهُ.
(فَرْعٌ): لَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُ الْمُؤَجَّلِ مِنْ الْحَالِ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْمُؤَجَّلِ عَجَّلَهُ (وَلَوْ اسْتَبْدَلَ عَنْ الْقَرْضِ وَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ جَازَ) لِاسْتِقْرَارِ ذَلِكَ. وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ بِدَيْنِ الْقَرْضِ وَالْإِتْلَافِ وَهُوَ شَامِلٌ لِمِثْلِ التَّلَفِ (وَفِي اشْتِرَاطِ قَبْضِهِ) أَيْ الْبَدَلِ (فِي الْمَجْلِسِ مَا سَبَقَ) فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا فِي عِلَّةِ الرِّبَا اُشْتُرِطَ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْأَصَحِّ وَفِي تَعْيِينِهِ مَا سَبَقَ (وَبَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ بَاطِلٌ فِي الْأَظْهَرِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو) لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْلِيمِهِ. وَالثَّانِي يَصِحُّ لِاسْتِقْرَارِهِ كَبَيْعِهِ مِمَّنْ عَلَيْهِ وَهُوَ الِاسْتِبْدَالُ الْمُتَقَدِّمُ، وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مُخَالِفًا لِلرَّافِعِيِّ، وَيُشْتَرَطُ عَلَيْهِ قَبْضُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِهِمَا بَطَلَ الْبَيْعُ. كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا كَالتَّهْذِيبِ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ يُخَالِفُهُ (وَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو دَيْنَانِ عَلَى شَخْصٍ فَبَاعَ زَيْدٌ عَمْرًا دَيْنَهُ بِدَيْنِهِ بَطَلَ قَطْعًا) اتَّفَقَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ«لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. وَفُسِّرَ بِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ. وَقَوْلُهُ قَطْعًا كَقَوْلِ الْمُحَرَّرِ بِلَا خِلَافٍ مَزِيدٌ عَلَى الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا (وَقَبْضُ الْعَقَارِ تَخْلِيَتُهُ لِلْمُشْتَرِي وَتَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ) فِيهِ (بِشَرْطِ فَرَاغِهِ مِنْ أَمْتِعَةِ الْبَائِعِ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ مَا يَضْبِطُهُ شَرْعًا أَوْ لُغَةً، وَلَوْ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِالْبَاءِ فِي التَّخْلِيَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمُحَرَّرِ كَانَ أَقْوَمَ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِعْلُ الْمُشْتَرِي وَالتَّخْلِيَةَ فِعْلُ الْبَائِعِ فَلَوْلَا التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ لِمَا صَحَّ الْحَمْلُ إلَّا أَنْ يُفَسِّرَ الْقَبْضَ بِالْإِقْبَاضِ، وَالْعَقَارُ يَشْمَلُ الْأَرْضَ وَالْبِنَاءَ وَغَيْرَهُمَا وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَمْتِعَةٌ لِلْبَائِعِ تَوَقَّفَ الْقَبْضُ عَلَى تَفْرِيغِهَا وَلَوْ جُمِعَتْ فِي بَيْتٍ مِنْهَا تَوَقَّفَ الْقَبْضُ لَهُ عَلَى تَفْرِيغِهِ (فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَاقِدَانِ الْمَبِيعَ اُعْتُبِرَ) فِي حُصُولِ قَبْضِهِ (مُضِيُّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُضِيُّ إلَيْهِ فِي الْأَصَحِّ) اعْتِبَارُ الزَّمَنِ إمْكَانُ الْحُضُورِ عِنْدَ عَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فِي الْقَبْضِ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ. وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْعَاقِدَيْنِ فِي الْقَبْضِ. وَقِيلَ حُضُورُ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لِيَتَأَتَّى إثْبَاتُ يَدِهِ عَلَى الْمَبِيعِ وَدَفْعُ الْوَجْهَانِ بِالْمَشَقَّةِ فِي الْحُضُورِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا يُعْتَبَرُ مَا ذُكِرَ (وَقَبْضُ الْمَنْقُولِ تَحْوِيلُهُ) رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمْ«كَانُوا يَبْتَاعُونَ الطَّعَامَ جِزَافًا بِأَعْلَى السُّوقِ فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعُوهُ حَتَّى يُحَوِّلُوهُ». دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ إلَّا بِتَحْوِيلِهِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِيهِ (فَإِنْ جَرَى الْبَيْعُ) وَالْمَبِيعُ (بِمَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ) كَشَارِعٍ أَوْ دَارٍ لِلْمُشْتَرِي (كَفَى فِي) قَبْضِهِ (نَقَلَهُ) مِنْ حَيِّزِهِ إلَى حَيِّزٍ آخَرَ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (وَإِنْ جَرَى) الْبَيْعُ وَالْمَبِيعُ (فِي دَارِ الْبَائِعِ لَمْ يَكْفِ) فِي قَبْضِهِ (ذَلِكَ) النَّقْلُ (إلَّا بِإِذْنِ الْبَائِعِ) فِيهِ (فَيَكُونُ) مَعَ حُصُولِ الْقَبْضِ بِهِ (مُعِيرًا لِلْبُقْعَةِ) الَّذِي أَذِنَ فِي النَّقْلِ إلَيْهَا لِلْقَبْضِ. نَعَمْ لَوْ نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ إذْنٍ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ وَمِنْ الْمَنْقُولِ الْعَبْدُ فَيَأْمُرُهُ بِالِانْتِقَالِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَالدَّابَّةُ فَيَسُوقُهَا أَوْ يَقُودُهَا وَالثَّوْبُ فَيَتَنَاوَلُهُ بِالْيَدِ.
(فَرْعٌ): زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ (لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ الْمَبِيعِ) مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ (إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا أَوْ سَلَّمَهُ إنْ) كَانَ حَالًّا لِمُسْتَحِقِّهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ (فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ) أَيْ بِالْقَبْضِ وَعَلَيْهِ إنْ اسْتَقَلَّ بِهِ الرَّدُّ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَسْتَحِقُّ الْحَبْسَ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ. وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ لَكِنْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا وَحَلَّ قَبْلَ الْقَبْضِ اسْتَقَلَّ بِهِ أَخْذًا مِمَّا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي مَسْأَلَةِ التَّرْجَمَةِ بِالْفَرْعِ الْآتِي أَنَّهُ لَا حَبْسَ لِلْبَائِعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَسَيَأْتِي فِيهِ نَصٌّ بِخِلَافِ ذَلِكَ
(وَلَوْ بِيعَ الشَّيْءُ تَقْدِيرًا كَثَوْبٍ وَأَرْضٍ ذَرْعًا) بِإِعْجَامِ الذَّالِ (وَحِنْطَةٍ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا اُشْتُرِطَ) فِي قَبْضِهِ (مَعَ النَّقْلِ) فِي الْمَنْقُولِ (ذَرْعُهُ) إنْ بِيعَ ذَرْعًا بِأَنْ كَانَ يُذْرَعُ (أَوْ كَيْلُهُ) إنْ بِيعَ كَيْلًا (أَوْ وَزْنُهُ) إنْ بِيعَ وَزْنًا (أَوْ عَدُّهُ) إنْ بِيعَ عَدًّا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ مُسْلِمٍ:«مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ». دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ إلَّا بِالْكَيْلِ. وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَاقِي. (مِثَالُهُ) فِي الْمَكِيلِ (بِعْتُكَهَا) أَيْ الصُّبْرَةَ (كُلُّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ) بِعْتُكَهَا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا (عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ آصُعَ) وَلَوْ قَبَضَ مَا ذُكِرَ جِزَافًا لَمْ يَصِحَّ الْقَبْضُ لَكِنْ يَدْخُلُ الْمَقْبُوضُ فِي ضَمَانِهِ (وَلَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ شَخْصٍ (طَعَامٌ مُقَدَّرٌ عَلَى زَيْدٍ) كَعَشَرَةِ آصُعَ سَلَمًا (وَلِعَمْرٍو عَلَيْهِ مِثْلُهُ فَلْيَكْتَلْ لِنَفْسِهِ) مِنْ زَيْدٍ (ثُمَّ يَكْتَلْ لِعَمْرٍو) لِيَكُونَ الْقَبْضُ وَالْإِقْبَاضُ صَحِيحَيْنِ (فَلَوْ قَالَ) لِعَمْرٍو (اقْبِضْ مِنْ زَيْدٍ مَالِي عَلَيْهِ لِنَفْسِك) عَنِّي (فَفَعَلَ فَالْقَبْضُ فَاسِدٌ) لَهُ وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَائِلِ صَحِيحٌ تَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ زَيْدٍ فِي الْأَصَحِّ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ. وَوَجْهُ فَسَادِهِ لِعَمْرٍو كَوْنُهُ قَابِضًا بِنَفْسِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَمَا قَبَضَهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ لِلدَّافِعِ عَلَى مُقَابِلِ الْأَصَحِّ، وَعَلَى الْأَصَحِّ يَكِيلُهُ الْمَقْبُوضُ لَهُ لِلْقَابِضِ، وَكَدَيْنِ السَّلَمِ دَيْنُ الْقَرْضِ وَالْإِتْلَافِ. وَالْعِبَارَةُ تَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ.
(فَرْعٌ): زَادَ التَّرْجَمَةَ بِهِ إذَا (قَالَ الْبَائِعُ) بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ حَالٍّ (لَا أُسَلِّمُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ ثَمَنَهُ. وَقَالَ الْمُشْتَرِي: فِي الثَّمَنِ مِثْلُهُ) أَيْ لَا أُسَلِّمُهُ حَتَّى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ وَتَرَافَعَا إلَى الْحَاكِمِ (أُجْبِرَ الْبَائِعُ) لِرِضَاهُ بِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالذِّمَّةِ (وَفِي قَوْلِ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ حَقَّهُ لِتَعَلُّقِهِ بِالْعَيْنِ لَا يَفُوتُ (وَفِي قَوْلٍ لَا إجْبَارَ) أَوَّلًا وَيَمْنَعُهُمَا الْحَاكِمُ مِنْ التَّخَاصُمِ (فَمَنْ سَلَّمَ أَجْبَرَ صَاحِبَهُ) عَلَى التَّسْلِيمِ (وَفِي قَوْلٍ يُجْبَرَانِ) فَيُلْزِمُ الْحَاكِمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِإِحْضَارِ مَا عَلَيْهِ فَإِذَا أَحْضَرَاهُ سَلَّمَ الثَّمَنَ إلَى الْبَائِعِ وَالْمَبِيعَ إلَى الْمُشْتَرِي يَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ. (قُلْت: فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا سَقَطَ الْقَوْلَانِ الْأَوَّلَانِ وَأُجْبِرَا فِي الْأَظْهَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ). وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ سُقُوطَ الْأَوَّلَيْنِ فِي بَيْعِ عَرْضٍ بِعَرْضٍ وَاقْتَصَرَ فِي غَيْرِهِ عَلَى سُقُوطِ الثَّانِي وَزَادَ فِي الرَّوْضَةِ سُقُوطَ الْأَوَّلِ أَيْضًا عَنْ الْجُمْهُورِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ سُقُوطُهُ أَيْضًا فَسُكُوتُ الْكَبِيرِ عَنْهُ لَا يَنْفِيهِ. (وَإِذَا سَلَّمَ الْبَائِعُ) بِإِجْبَارٍ أَوْ دُونَهُ (أَجْبَرَ الْمُشْتَرِي إنْ حَضَّرَ الثَّمَنَ) عَلَى تَسْلِيمِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُحْضِرْ (فَإِنْ كَانَ) الْمُشْتَرِي (مُعْسِرًا) بِالثَّمَنِ فَهُوَ مُفْلِسٌ (فَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ بِالْفَلَسِ) وَأَخْذُ الْمَبِيعِ بِشَرْطِهِ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ (أَوْ مُوسِرًا وَمَالُهُ بِالْبَلَدِ أَوْ بِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ) أَيْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (حُجِرَ عَلَيْهِ فِي أَمْوَالِهِ) كُلِّهَا (حَتَّى يُسَلِّمَ) الثَّمَنَ لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِمَا يُبْطِلُ حَقَّ الْبَائِعِ (فَإِنْ كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يُكَلَّفْ الْبَائِعُ الصَّبْرَ إلَى إحْضَارِهِ) لِتَضَرُّرِهِ بِذَلِكَ (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ) وَأَخْذَ الْبَيْعِ لِتَعَذُّرِ تَحْصِيلِ الثَّمَنِ كَالْإِفْلَاسِ بِهِ. وَالثَّانِي: لَا يَنْفَسِخُ وَلَكِنْ يُبَاعُ الْمَبِيعُ وَيُؤَدِّي حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ (فَإِنْ صَبَرَ) الْبَائِعُ إلَى إحْضَارِهِ الْمَالَ (فَالْحَجْرُ كَمَا ذَكَرْنَا) أَيْ يَحْجُرُ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي أَمْوَالِهِ كُلِّهَا إلَى أَنْ يُسَلِّمَ الثَّمَنَ لِمَا تَقَدَّمَ (وَلِلْبَائِعِ حَبْسُ مَبِيعِهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ) الْحَالَّ بِالْأَصَالَةِ (إنْ خَافَ فَوْتَهُ بِلَا خِلَافٍ) وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي لَهُ حَبْسُ الثَّمَنِ الْمَذْكُورِ إنْ خَافَ فَوْتَ الْمَبِيعِ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَيْ بِلَا خِلَافٍ (وَإِنَّمَا الْأَقْوَالُ) السَّابِقَةُ (إذَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ) أَيْ الْبَائِعُ فَوْتَ الثَّمَنِ وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَوْتَ الْمَبِيعِ (وَتَنَازَعَا فِي مُجَرَّدِ الِابْتِدَاءِ) بِالتَّسْلِيمِ. أَمَّا الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ بِهِ لِرِضَاهُ بِالتَّأْخِيرِ وَلَوْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا حَبْسَ لَهُ أَيْضًا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَفِي الْكِفَايَةِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبِ نَقَلَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمَنْثُورِ أَنَّ لَهُ الْحَبْسَ. وَسَيَأْتِي فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ لَوْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا حَبْسَ لِلْمَرْأَةِ فِي الْأَصَحِّ.